بالأسماء التي نقشَها الدمعُ على طين البيت
1
يا وارثَ الغجرِ في تيهٍ أبديِّ
على تيهكَ الرّبابةُ، مخضَّبة بنحيْبِها
وعلى غربتِكَ الأناشيدُ تُتلى من فمِ العذراء
يا صفوةَ الشّاردين من النكبة إلى نكبةٍ أُخرى
يا خيرَ من تعثَّر بظلِّه ولوَّثَ ثيابَهِ ِببِركةٍ يأنسُها القمر
على لهاثِكَ سكونُ الطّرقات
وعلى عمائِكَ القناديلُ.
2
عائدٌ من طوافٍ بدأَ بجسدي
وانتهى برأسي
يُدارُ بهِ على كؤوسِ مدنٍ تَسكَرُ بالحجارة،
عائدٌ من سَبيٍ على ظَهرِ ناقةٍ لم تخرج من بين صخرتين
وإنَّما من بين كابوسٍ ولهاث.
هاربٌ من سيوفٍ تُريد أن تأخذني إلى طُفوفٍ
خُضتها مراراً ولم يبقَ ما يكفي من الدَّمِ كي تُبلِّلَ به لَمَعانَها
من رملٍ يُقيِّدُني، وحوافرَ تكتبُ على ظهري صَهيلَها.
في خطوتي تَعبُ أمَّةٍ لم يغمض لها جفن
وفي تنهيدتي حبرٌ
أُدوِّنُ به يأسَ مجرّة وحدي.
3
مُخطِئٌ في خطوةٍ غفرانُها ذائبٌ في السّراب
هي خطوةُ الماشي إلى حتفهِ في منامه
فيما يعيق طريقَه حبلٌ ممدودٌ من أُفق إلى أفق
وشوكٌ ببلاغةٍ يتربّص بثيابه.
مُخطِئٌ في ظنونٍ شفاعتُها مطحونة في رحىً دارت عليها أممُ الواهمين قبلي
وكانت حصيلتهم خطوة أُخرى إلى المهالك.
مُخطِئٌ لأنِّي فتحتُ النافذة
وكان ذنبي أنّي رأيتُ.
4
هو الماشي وحدَه دائماً
وخلفه باصُ الفناء
تصعدُ إليه النازلاتُ من رأسٍ مهشَّمٍ بالرغبةِ
ومنقوعٍ بالندَم.
خطوةٌ... فتصعدُ امرأةٌ تتلو سهامَها في جسدهِ الخاوي
ويصعدُ رجلٌ يحملُ شتائمه التي زرعها تحت لسانهِ القصير
وتصعدُ مدينةٌ تطلب خرابَها بلا نقصان.
خطوةٌ
فتصعدُ البئرُ المردومةُ ودلاؤُها الباكية
يصعد الفانوس يتعثَّرُ بنورٍ مستعارٍ من زيتٍ قليل
والمسمارُ يهذي أحلام الحجارةِ وساكنيها.
خطوةٌ أُخرى
فتقرأ المفاتيح التي تدار باليدِ الراجف رنينُها على القفل المنقوع بماء الورد
يدخلُ بيته وصدى خطوةٍ خاويةٍ يطرق صمتَه العليل
ينام برأسٍ فارغٍ
وسريره على عدمٍ ما
يطفو.
قراءة: محمود حسن